في قمة إلتفاتنا الى موت نعمان عبد الجواد، الشاب العشريني المتخرج حديثا ، حاولنا ان نبحث في سبب إختياره مادة معقم الحمامات للإنتحار دون غيرها، او سبب إختيار هذه الآلية دون أخرى، فوردنا اثناء السؤال من صاحب البقالة المقابلة لبيته أنه كان دائم الترديد - و خاصة في الآونة الأخيرة - بأنه رجل آثم و نجس و يريد تطهير نفسه، فبدا استخدام المبيض مبررا في حالة مشابهة .
ثم روى لنا حارس عمارة مشبوهة في شارع جامعة اليرموك بأنه كان يجادله حول اجرة إحدى الغرف يوميا، جدالا محموما و ساخنا تتخلله انفعالات شديده ، لكنه لم يكن يستأجر.. فقط كان يجادل .
و بالرجوع الى طفولة نعمان، ، روت لنا والدته بأن نوبة خرس أصابته في سن السابعة عشرة، مما إستدعى علاجا حثيثا جاء دون نتيجة مفيدة.
قبل أن يصيبه الخرس كان نعمان يمر بشباك جارته ساحرة الجمال يوميا في طريقه لشراء السجائر، مرة نادته فإلتفت الى النافذة بعته، فرفعت له سترتها عن جيد و نهد لا يقال في حقهما سوى أنهما منحوتان نحتا - هكذا قالت والدته - في ذات الليلة أصيب نعمان بالخرس، و بقي يزاور نافذة جارته يوميا.
حاولت والدته علاجه بالرقى الشرعية و بالطب الحكومي و العربي، لكن حالته كانت متصلدة، و كان يتسمر بالساعات امام نافذة الجاره حتى رآه شقيقها أمام نافذتها، فلكمه بقبضة يده على حنكه فخلعه، لكنه و من حسن الحظ إستعاد قدرته على النطق.
" نعمان كان منعزلا " تقول زميلته في الجامعة و التي إستغلت مهارته في الرياضيات ليدرسها قبل الامتحان ، ثم باتت تتجاهله و تتثاقل من نظراته الشهوانية المحرجة - كما عبرت - ثم أضافت : كان يفقد ذاكرته فجأة حين يبين طرف ذراعي، و يصاب بالغثيان حين اعدل تبرجي امامه، مرة ارتديت تنورة زرقاء فإقترب مني و قال : هل تحاولين ذبحي؟، فلم أجبه، حينها حمل نفسه و رحل..
اما صاحب البقالة فقال بأنه كان يدخن كثيرا، و منذ زمن بعيد .. كثيرا جدا..
كان رجلا غريب الاطوار، و دائم الخوف من ارتفاع اسعار السجائر و المومسات، هكذا يقول صديقه محمود، و الذي يعمل كأستاذ مدرسة، حين سألناه عن نعمان اشعل سيجارة و قال بتحاذق :حين نفكر في موته كحدث جانبي نهتم الى النتيجة فحسب، حين افتتح بثه لفيديو مباشر على الفيسبوك، و شرب علبة المطهر كاملة، لم يرد لفتا مجردا للإنتباه، بل أراد أن يطفئ الليتوست المتشدق بسخافة حزنه، و النتيجة هي انه قد مات، مشتهيا و حالما ووحيدا جدا..
لا زلت أذكر كيف أشعل السيجارة، و دخنها حتى المنتصف صامتا، ثم أدار علبة المطهر في جوفه امام الكاميرا، شاهدت الفيديو المسجل عدة مرات، و تذكرت كلام المدير المسؤول عن ملف التحقيق : عليكم ان تغلقوا ملف القضية مع ذكر التفاصيل بإيفاء تام، هذا اختباركم الاول لتثبتوا انفسكم في العمل كشرطة تحقيق ..
اشعلت سيجارة و تخيلت نفسي اختبارا وظيفيا لمحقق ما..
ثم روى لنا حارس عمارة مشبوهة في شارع جامعة اليرموك بأنه كان يجادله حول اجرة إحدى الغرف يوميا، جدالا محموما و ساخنا تتخلله انفعالات شديده ، لكنه لم يكن يستأجر.. فقط كان يجادل .
و بالرجوع الى طفولة نعمان، ، روت لنا والدته بأن نوبة خرس أصابته في سن السابعة عشرة، مما إستدعى علاجا حثيثا جاء دون نتيجة مفيدة.
قبل أن يصيبه الخرس كان نعمان يمر بشباك جارته ساحرة الجمال يوميا في طريقه لشراء السجائر، مرة نادته فإلتفت الى النافذة بعته، فرفعت له سترتها عن جيد و نهد لا يقال في حقهما سوى أنهما منحوتان نحتا - هكذا قالت والدته - في ذات الليلة أصيب نعمان بالخرس، و بقي يزاور نافذة جارته يوميا.
حاولت والدته علاجه بالرقى الشرعية و بالطب الحكومي و العربي، لكن حالته كانت متصلدة، و كان يتسمر بالساعات امام نافذة الجاره حتى رآه شقيقها أمام نافذتها، فلكمه بقبضة يده على حنكه فخلعه، لكنه و من حسن الحظ إستعاد قدرته على النطق.
" نعمان كان منعزلا " تقول زميلته في الجامعة و التي إستغلت مهارته في الرياضيات ليدرسها قبل الامتحان ، ثم باتت تتجاهله و تتثاقل من نظراته الشهوانية المحرجة - كما عبرت - ثم أضافت : كان يفقد ذاكرته فجأة حين يبين طرف ذراعي، و يصاب بالغثيان حين اعدل تبرجي امامه، مرة ارتديت تنورة زرقاء فإقترب مني و قال : هل تحاولين ذبحي؟، فلم أجبه، حينها حمل نفسه و رحل..
اما صاحب البقالة فقال بأنه كان يدخن كثيرا، و منذ زمن بعيد .. كثيرا جدا..
كان رجلا غريب الاطوار، و دائم الخوف من ارتفاع اسعار السجائر و المومسات، هكذا يقول صديقه محمود، و الذي يعمل كأستاذ مدرسة، حين سألناه عن نعمان اشعل سيجارة و قال بتحاذق :حين نفكر في موته كحدث جانبي نهتم الى النتيجة فحسب، حين افتتح بثه لفيديو مباشر على الفيسبوك، و شرب علبة المطهر كاملة، لم يرد لفتا مجردا للإنتباه، بل أراد أن يطفئ الليتوست المتشدق بسخافة حزنه، و النتيجة هي انه قد مات، مشتهيا و حالما ووحيدا جدا..
لا زلت أذكر كيف أشعل السيجارة، و دخنها حتى المنتصف صامتا، ثم أدار علبة المطهر في جوفه امام الكاميرا، شاهدت الفيديو المسجل عدة مرات، و تذكرت كلام المدير المسؤول عن ملف التحقيق : عليكم ان تغلقوا ملف القضية مع ذكر التفاصيل بإيفاء تام، هذا اختباركم الاول لتثبتوا انفسكم في العمل كشرطة تحقيق ..
اشعلت سيجارة و تخيلت نفسي اختبارا وظيفيا لمحقق ما..
اللوحة لمحمد ابو العسل
ليست هناك تعليقات