مَشهد - قصة قصيرة لـ دعاء علقم

شارك:


دعاء علقم

على مرمى حجر منك ... ستشرق حريتك
يجلس أمامك رجلٌ يحمل ختماً.. وجواز سفرك المنْهَك بين يديه ..
ختم واحد وستنتقل إلى جنتك ..
دخلت الطائرة  و أنت تشعر بهبوط في دقات قلبك ..

ستخرج من المنفى إلى أرض أمك.. إلى جنتك .. بعدما كنت ترى جنتك منفى .. ومنفاك اليوم هو الجنة .
حينما يعود الإنسان إلى وطنه بعد غياب يبدو له الوقت الذي قضاه خارج الوطن كالحلم .. قد يكون جميلاً وقد يكون لا .
جلست بجانب النافذة و اغمضت عينيك قليلاً..

استعدت شريط الذكريات القديمة ..
رسمت في مخيلتك صورة أمك  ..

 وطغى صوتها الذي يشبه صوت ناي حزين تحت القمر على جميع الأصوات على متن الطائرة
قالت لك يومها والدموع تفيض من عينيها الزرقاوتين ..
لاتذهب يا ولدي .. ابقى هنا .. الدنيا ليس لها أمان
غداً سأذهب إلى المختار و أقول له أن يجد لك عملا تسترزق منه ..
ولكنك حملت حقيبة السفر و مضيت
تركت لها غرفتك البائسة التي افرغت منها اغراضك
وتناسيت دفاتر اشعارك .. فقدت قيمة كل شيء .. حتى اشعارك تخليت عنها
كل هذه الذكريات باتت تلاحقك وتنقض عليك في سكينتك .. كأنك هارب من العدالة
ماذا جنيت بعد عشرة اعوام من الغياب ؟
هل أمك ما زالت بانتظارك؟
لم تكن تعلم في أي بلد أنت سوى أنك خارج الوطن!
بقيت تنتظرك عدة سنوات وكلما طال انتظارها فقدت الأمل أكثر في عودتك
أو في وجودك على قيد الحياة..
تقول لنفسك أنها ستسامحك .. لأنك ستبقى ابنها مهما حصل
ايقظك بكاء طفلة رضيعة من دوامة افكارك .. وبدأ جميع الركاب يستعدون لهبوط الطائرة .
فور وصولك هرعت مسرعاً إلى منزلك كأنك تركته قبل عدة أيام  .. كان مظلماً بارداً ..كليلةٍ من ليالي تشرين
لا تبحث عنها .. لن تجدها جالسةً تنتظرك لتحضر لك العشاء ..
في غيابك ضمها تراب الأرض و أخذ مكانك .. فانتظر شروق الشمس و اكمل المسير .

ليست هناك تعليقات