اغلب الاوقات نسمع ان رئيس الوزراء العراقي (حيدر العبادي) فاقد السيطرة على مفاصل الدولة. ولا يعلم البعض أن السيد (العبادي) قائد محنك وذو نظره بعيده ومتمكن من ادراة الدولة بأزماتها الكثيرة والمعقدة. وفي الوقت الذي يطعن به الكثير، فأن الاحداث الاخيرة التي شهدها العراق قد بينت بأنه رجل المرحلة القادمة، كونه على العكس من بقية الساسة الذين تعاقبوا على حكم البلاد، قد ادار الأمور بشكل صامت دون تأجيج للازمات وزيادة تفاعلاتها الضارة، وجعل افعاله تتكلم عنه حين.
واذا ما رجعنا الى الظروف التي تولى فيها (العبادي) رئاسة وزراء العراق، فأننا سنجد بأنه قد وصل الى دفة السلطة في فترة عصيبة جدا، كانت البلاد فيها على مفترق طرق، احدها الانهيار والتقسيم، فقد افرغت خزائن الدولة العراقية وصارت ميزانيتها خاوية خاصة بعد انخفاض اسعار النفط، فضلا عن كون وضع البلاد غير متزن، الا انه قد ادار كل شيء بحكمه، ولم يقول : لا نبني لا نعمر لا نقدم خدمة لا ندحر الإرهاب وننتصر عليه. بل على العكس من ذلك ردد : سوف نبين للعالم ان العراق هو النموذج الامثل للتعايش مع كل الأزمات ألتي تواجهه .
الكل يعلم أن العراق فقد الكثير من اراضيه ومعداته العسكرية، والكثير من ابناء الشعب العراقي كان يستهزئ بحكومته وكيفية ادارتها للأمور . لكنه قد تغلب على كل ذلك وتمكن من فك شفرات المؤامرات المحاكة ضد العراق . فسرعان ما تحررت المدن على يده الواحدة بعد الاخرى.
ولم تكن الانتقادات محصورة بطريقة اداء (العبادي) السياسي، بل انها امتدت الى شكله ومظهره ايضا، فقد اعاب البعض عليه قصر القامة, لكنهم تراجعوا عن انتقاداتهم له عندما وجدوا بانه تمكن من ان يقود دولة مفلسة ، ومحتله , وتمكن ولا زال يغلق الأزمات واحدة عقب الاخرى . ويقود البلاد نحو النجاح والتقدم، وهكذا نراه يذهب إلى اهور العراق بعد ان حصلت على الاعتراف العالمي بها، حتى يرفع من مستوى مناطق العراق الجنوبية , وفي الوقت عينه يوجه رسالة الى الاعلام العالمي، مستغلا منصبه كي يبين ان العراق يتعافى من جديد وهو قادر على تخطي الأزمات والمعوقات التي اصابته . وقادر على محاربة الفكر المتطرف والتصدي له, نيابة عن العالم باسره, وفي كل فتره يفاجئ الجميع بنجاح جديد , ابتداء من تحرير مدينة الموصل التي كانت اشبه بالمستحيل، كونها عدت اكبر المعاقل لــــ (داعش) . ورغم ان الكثير من القادة قد شكك بإمكانية ان يقوم العراق بتحريرها، الا ان اصرار العراقيين بجميع مكوناتهم، من الجنوب والوسط والغرب والشرق والشمال، وبكافة الصنوف العسكرية من الجيش والشرطة والحشد، تمكنوا من ان يحرروها في وقت قياسي .
ان ايمان (العبادي) بالانتصارات وترسيخها في مخيلته، قد جعلته يقود ازمة الاستفتاء التي اجريت في اقليم كردستان العراق يوم 25 ايلول 2017، بشكل متميز حيث خاطب الكرد : أنكم اخواننا وأبناء شعبنا، والعراقي الاصيل، لا يسل سيفه بوجه أبناء بلده . وفي الوقت عينه وجه تحذيره للساسة الكرد من انهم اذا لم يلتزمون بالدستور العراقي فانه سيستخدم القوة معهم، ولقد طبق ما حذرهم منه، حيث دخل جيشه كركوك والمناطق الاخرى التي كانت خارج سيطرة الدولة.
وهكذا، تمكن من ان يسحب البساط من تحت اقدام رئيس الاقليم (مسعود البرزاني) ، ويخلص الناس من سطوته, اذ كان الاخير يحرض الكرد على مقاتلة القوات الامنية العراقية, فحضي بالاحترام والتقدير والثقة
ليست هناك تعليقات